أخشى عليك أيها الصادق أن تأتى يوما وتقول الأجندة " ربع الوطنية "
فى نهاية التسعينات - إن لم أكن دقيقاً – أتى الصادق المهدى بتعبير" الأجندة الوطنية " لاول مرة لساحة السياسة السودانية وذلك مقابل أجندات خفية تارةً و حربية تارةً أخرى فى وصفه لخطابات القوى السياسية الأخرى حتى قلنا حينها أنها محاولات يائسة وبائسة لإقصاء وإستبعاد تلك الخطابات ، و إستندنا فى دفاعنا لمقولة نصر حامد أبو زيد الرصينة التى تقول " حقاً انه فى أى إستبعاد أو إقصاء يمارسه خطاب ضد خطاب آخر ، يعنى حضور هذا الخطاب الآخر – بدرجات متفاوته – فى بنية الخطاب الأول ، هذا مع إفتراض غيابه التام العمومى على مستوى " المنطوق " و " المفهوم " ، لأن هذا الغياب ليس إلا عملية تغييب لتحقيق الإقصاء والابعاد . وفى هذه الحالة يصبح الحديث عن أى خطاب مستقل مجرد نوع من التزييف والخداع
ذلك الإقصاء الحاد والعنيف الذى يدعى " وطنية مقابل لا وطنية " يفسّر لنا العسر والإرتباك الذى يواجهه صاحب هذا الخطاب وذلك للإنتقال واللحاق بركب حتماً إبتعد . فعندما إستحى ذلك الخطاب من ذكر لفظ وتعبير " الأجندة غير الوطنية " خشية و حذرالوقوع فى " أرض قتل " لا مفر منها كما نقول نحن العسكريين وكما هو واضح من السياق ، إستعاض عن ذلك بالقتل نفسه حينما إستخدم تعابير الأجندات الخفية والحربية ، ناسياً فى تعمد يصل حدّ الإعتلال " مجاهدات " المريدين والأحباب الذين إستخدموا فيما مضى وكما هو معروف كل صنوف الحرب والقتال بما فيها " تهتدون " . وتهتدون عملية حربية كاملة إن لم يكن يدرى الصادق المهدى .
تلك اللغة ترجع إلى محاولات ممارسة " تعمية وتغييب " واضحة لخطابات أخرى بغرض إحاطتها بسور عالٍ من الألغاز والأسرار إيهاماً منه أن ذلك السور ملئ بالحيّات والثعابين ذوات السبعة رؤوس ، بل وفحيح يسعى جاهدا ومن خلال لهثه النشط ذلك أن يسمعه لنا غصباً شارحاً وبتفوق وإمتياز عبارة " ممنوع الإقتراب والتصوير " التى تجدها على الجدر و السياجات العسكرية إلا من أجندته الوطنية فقط .
وحتى بمنطق ساستنا أن الأمر بيع وتجارة ثم بعد ذلك ربح وخسارة ، ذلك السلوك الذى نقاومه والجبهة الإسلامية منه ، يصبح الإجتهاد فى عرض بضاعة الغير حتى وإن كانت خفية أو حربية أمراً خبيثاً وما هو بالحميد كما يقول هو .
وأين تلك الأسرار والخفايا فى دعوة لدولة تسع الجميع بالوزن و القسطاس ، لا إعتبار فيها للون أو دين أو مشرب . أين الأسرار و الخفايا فى ظلم واضح وبيّنٌ وجلى أقره الجميع ، دانيهم وقاصيهم ، ظلماً أسوأ من ذلك القديم الذى دقت له الطبول ورفعت له الرايات ، ظلماً بأيدٍ وطنية لم تفكر إلا فى نفسها ومصالحها رغم بلوغها سناً كنا نرجو منه أن تهى لنا به من أمرنا رشدا .
ليس المطلوب نقاط ومحاور وأجندات وطنية " وما أدراك ما وطنية "،فقد رفعت الأقلام وجفت الصحف ، المطلوب أيها الصادق المهدى سلوك وممارسات وأساليب جديدة تختلف عن التى أوصلت السودان لهذا الدرك الذى نحن فيه الآن ، يسبق ذلك خطاب أمين وشفاف يوجّه للنفس أولاً حتى ينضح على الآخرين . ثم أختم حديثى هذا بأمل ورجاء ألا تكتمل دورة هذا الشئ الذى يدور فى وطننا بالرغم من أننا نسمع دويّه حدّ صمم الأذآن .
نبيل منصور
فى نهاية التسعينات - إن لم أكن دقيقاً – أتى الصادق المهدى بتعبير" الأجندة الوطنية " لاول مرة لساحة السياسة السودانية وذلك مقابل أجندات خفية تارةً و حربية تارةً أخرى فى وصفه لخطابات القوى السياسية الأخرى حتى قلنا حينها أنها محاولات يائسة وبائسة لإقصاء وإستبعاد تلك الخطابات ، و إستندنا فى دفاعنا لمقولة نصر حامد أبو زيد الرصينة التى تقول " حقاً انه فى أى إستبعاد أو إقصاء يمارسه خطاب ضد خطاب آخر ، يعنى حضور هذا الخطاب الآخر – بدرجات متفاوته – فى بنية الخطاب الأول ، هذا مع إفتراض غيابه التام العمومى على مستوى " المنطوق " و " المفهوم " ، لأن هذا الغياب ليس إلا عملية تغييب لتحقيق الإقصاء والابعاد . وفى هذه الحالة يصبح الحديث عن أى خطاب مستقل مجرد نوع من التزييف والخداع
ذلك الإقصاء الحاد والعنيف الذى يدعى " وطنية مقابل لا وطنية " يفسّر لنا العسر والإرتباك الذى يواجهه صاحب هذا الخطاب وذلك للإنتقال واللحاق بركب حتماً إبتعد . فعندما إستحى ذلك الخطاب من ذكر لفظ وتعبير " الأجندة غير الوطنية " خشية و حذرالوقوع فى " أرض قتل " لا مفر منها كما نقول نحن العسكريين وكما هو واضح من السياق ، إستعاض عن ذلك بالقتل نفسه حينما إستخدم تعابير الأجندات الخفية والحربية ، ناسياً فى تعمد يصل حدّ الإعتلال " مجاهدات " المريدين والأحباب الذين إستخدموا فيما مضى وكما هو معروف كل صنوف الحرب والقتال بما فيها " تهتدون " . وتهتدون عملية حربية كاملة إن لم يكن يدرى الصادق المهدى .
تلك اللغة ترجع إلى محاولات ممارسة " تعمية وتغييب " واضحة لخطابات أخرى بغرض إحاطتها بسور عالٍ من الألغاز والأسرار إيهاماً منه أن ذلك السور ملئ بالحيّات والثعابين ذوات السبعة رؤوس ، بل وفحيح يسعى جاهدا ومن خلال لهثه النشط ذلك أن يسمعه لنا غصباً شارحاً وبتفوق وإمتياز عبارة " ممنوع الإقتراب والتصوير " التى تجدها على الجدر و السياجات العسكرية إلا من أجندته الوطنية فقط .
وحتى بمنطق ساستنا أن الأمر بيع وتجارة ثم بعد ذلك ربح وخسارة ، ذلك السلوك الذى نقاومه والجبهة الإسلامية منه ، يصبح الإجتهاد فى عرض بضاعة الغير حتى وإن كانت خفية أو حربية أمراً خبيثاً وما هو بالحميد كما يقول هو .
وأين تلك الأسرار والخفايا فى دعوة لدولة تسع الجميع بالوزن و القسطاس ، لا إعتبار فيها للون أو دين أو مشرب . أين الأسرار و الخفايا فى ظلم واضح وبيّنٌ وجلى أقره الجميع ، دانيهم وقاصيهم ، ظلماً أسوأ من ذلك القديم الذى دقت له الطبول ورفعت له الرايات ، ظلماً بأيدٍ وطنية لم تفكر إلا فى نفسها ومصالحها رغم بلوغها سناً كنا نرجو منه أن تهى لنا به من أمرنا رشدا .
ليس المطلوب نقاط ومحاور وأجندات وطنية " وما أدراك ما وطنية "،فقد رفعت الأقلام وجفت الصحف ، المطلوب أيها الصادق المهدى سلوك وممارسات وأساليب جديدة تختلف عن التى أوصلت السودان لهذا الدرك الذى نحن فيه الآن ، يسبق ذلك خطاب أمين وشفاف يوجّه للنفس أولاً حتى ينضح على الآخرين . ثم أختم حديثى هذا بأمل ورجاء ألا تكتمل دورة هذا الشئ الذى يدور فى وطننا بالرغم من أننا نسمع دويّه حدّ صمم الأذآن .
نبيل منصور