– قل يا محمّد لكفّار قريش (هُوَ الَّذِي يُسَيِّرُكُمْ فِي الْبَرِّ
وَالْبَحْرِ) فلماذا تعبدون غيره (حَتَّى إِذَا كُنتُمْ فِي الْفُلْكِ)
لَمّا سافرتم إلى الحبشة في طلب المؤمنين وكادت سفنكم تغرق وقاربتم على
الهلاك لولا أن دعوتم الله فدفع عنكم الخطر ، أهكذا يكون جزاؤنا إنكاركم
لآياتنا وبغيكم على المؤمنين ثمّ أخذ سبحانه في إتمام القصّة مخاطباً رسوله
فقال (وَجَرَيْنَ بِهِم) تلك الفلك (بِرِيحٍ طَيِّبَةٍ) أي ليّنة
(وَفَرِحُواْ بِهَا) أي بتلك الريح (جَاءتْهَا) أي لحقتها (رِيحٌ عَاصِفٌ
وَجَاءهُمُ الْمَوْجُ مِن كُلِّ مَكَانٍ وَظَنُّواْ أَنَّهُمْ أُحِيطَ
بِهِمْ) أي أحاطت بهم أسباب الهلاك والغرق (دَعَوُاْ اللّهَ مُخْلِصِينَ
لَهُ الدِّينَ) ولم يذكروا أصنامهم في تلك الشدّة ، قائلين (لَئِنْ
أَنجَيْتَنَا مِنْ هَـذِهِ) الشدّة (لَنَكُونَنِّ مِنَ الشَّاكِرِينَ)
لنعمائك .
القصّة:
سافر جماعة من قريش وعلى رأسهم عمرو بن العاص إلى الحبشة في طلب
المؤمنين فلمّا توسّطوا الطريق هاجت ريح شديدة عاصفة وكادوا أن يغرقوا
فصاروا يدعون ويتضرّعون إلى الله قائلين لئن أنجيتنا من هذه الشدّة نشكر لك
نعماءك علينا ونترك المسلمين ولا نتعرّض لهم بأذى . فسكنت الريح ونجوا من
الغرق ، ولَمّا وصلوا إلى الحبشة قدّموا هدايا إلى ملك الحبشة وقال عمرو بن
العاص أيّها الملك إنّ قوماً خالفونا في ديننا وسبّوا آلهتنا وصاروا إليك
فردّهم إلينا .
فبعث النجاشي إلى جعفر فجاءه فقال أيّها الملك سلهم أنحن عبيد لهم ؟
فقال عمرو لا بل أحرار ، قال فسلهم ألهم علينا ديون يطالبوننا بِها ؟ قال
لا ما لنا عليكم ديون ، قال فلكم في أعناقنا دماء تطالبوننا بِها ؟ قال فما
تريدون منّا ؟ آذيتمونا فخرجنا من دياركم . ثمّ قال أيّها الملك بعث الله
فينا نبيّاً أمرنا بخلع الأنداد وترك الاستقسام بالأزلام وأمرنا بالصلاة
والزكاة والعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى ونهانا عن الفحشاء والمنكر
والبغي . فقال النجاشي بهذا بعث الله عيسى ، ثمّ قال لجعفر هل تحفظ مِمّا
أنزل الله على نبيّك شيئاً ؟ قال نعم فقرأ سورة مريم فلمّا بلغ إلى قوله
تعالى {وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُسَاقِطْ عَلَيْكِ رُطَبًا
جَنِيًّا} ، قال والله هذا هو الحقّ . فقال عمرو إنّه يخالف ديننا فردّه
إلينا فرفع النجاشي يده فضرب بِها وجه عمرو وقال اسكت والله لئن ذكرته بعد
بسوء لأفعلنّ بك ، وقال أرجعوا إلى هذا هديّته ، وقال لجعفر وأصحابه أمكثوا
فإنّكم سيوم والسيوم الآمنون ، وأمر لهم بِما يصلحهم من الرزق ، فانصرف
عمرو ومن معه خائبين ، وأقام المسلمون هناك بخير .
23 – (فَلَمَّا أَنجَاهُمْ) من تلك الشدّة (إِذَا هُمْ يَبْغُونَ فِي
الأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ) أي في أرض الحبشة منكرين على المؤمنين إيمانهم
ومطالبين ملك الحبشة بإرجاعهم بدون حقّ لهم على المؤمنين ولادَين لهم
عليهم (يَا أَيُّهَا النَّاسُ) والخطاب لكفّار قريش ومن ذهب إلى الحبشة في
طلب المؤمنين (إِنَّمَا بَغْيُكُمْ عَلَى أَنفُسِكُم) لأنّكم رجعتم خائبين
مطرودين ، ثمّ إنّ (مَّتَاعَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا) قليل بالنسبة للآخرة
(ثُمَّ إِلَينَا مَرْجِعُكُمْ) بعد الموت فنعاقبكم على أعمالكم
(فَنُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ) في دار الدنيا .
26 – (لِّلَّذِينَ أَحْسَنُواْ) في الدنيا بالإيمان (الْحُسْنَى) في
الآخرة (وَزِيَادَةٌ) من الله لهم جزاء على إحسانهم (وَلاَ يَرْهَقُ
وُجُوهَهُمْ قَتَرٌ وَلاَ ذِلَّةٌ) كما يرهق وجوه أهل النار ، فالرهق معناه
الخوف , ومن ذلك قوله تعالى في سورة الجنّ {فَزَادُوهُمْ رَهَقًا} والقتر
هو الدخان والغبار ، والمعنى لا يصيبهم خوف ولا ذلّة ولا يلحقهم دخان من
جهنّم لأنّهم بعيدون عنها (أُوْلَـئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيهَا
خَالِدُونَ) .
28 – (وَيَوْمَ) القيامة (نَحْشُرُهُمْ جَمِيعًا) العابدين والمعبودين
(ثُمَّ نَقُولُ لِلَّذِينَ أَشْرَكُواْ مَكَانَكُمْ) أي لازموا مكانكم حول
الشمس (أَنتُمْ وَشُرَكَآؤُكُمْ) الذين عبدتموهم من دون الله (فَزَيَّلْنَا
بَيْنَهُمْ) أي ففرّقنا بين المعبودين ، يعني بين الأصنام والملائكة
(وَقَالَ شُرَكَآؤُهُم) أي قالت الملائكة (مَّا كُنتُمْ إِيَّانَا
تَعْبُدُونَ) يعني لم نأمركم بعبادتنا ولا علم لنا بذلك .
منقول
وَالْبَحْرِ) فلماذا تعبدون غيره (حَتَّى إِذَا كُنتُمْ فِي الْفُلْكِ)
لَمّا سافرتم إلى الحبشة في طلب المؤمنين وكادت سفنكم تغرق وقاربتم على
الهلاك لولا أن دعوتم الله فدفع عنكم الخطر ، أهكذا يكون جزاؤنا إنكاركم
لآياتنا وبغيكم على المؤمنين ثمّ أخذ سبحانه في إتمام القصّة مخاطباً رسوله
فقال (وَجَرَيْنَ بِهِم) تلك الفلك (بِرِيحٍ طَيِّبَةٍ) أي ليّنة
(وَفَرِحُواْ بِهَا) أي بتلك الريح (جَاءتْهَا) أي لحقتها (رِيحٌ عَاصِفٌ
وَجَاءهُمُ الْمَوْجُ مِن كُلِّ مَكَانٍ وَظَنُّواْ أَنَّهُمْ أُحِيطَ
بِهِمْ) أي أحاطت بهم أسباب الهلاك والغرق (دَعَوُاْ اللّهَ مُخْلِصِينَ
لَهُ الدِّينَ) ولم يذكروا أصنامهم في تلك الشدّة ، قائلين (لَئِنْ
أَنجَيْتَنَا مِنْ هَـذِهِ) الشدّة (لَنَكُونَنِّ مِنَ الشَّاكِرِينَ)
لنعمائك .
القصّة:
سافر جماعة من قريش وعلى رأسهم عمرو بن العاص إلى الحبشة في طلب
المؤمنين فلمّا توسّطوا الطريق هاجت ريح شديدة عاصفة وكادوا أن يغرقوا
فصاروا يدعون ويتضرّعون إلى الله قائلين لئن أنجيتنا من هذه الشدّة نشكر لك
نعماءك علينا ونترك المسلمين ولا نتعرّض لهم بأذى . فسكنت الريح ونجوا من
الغرق ، ولَمّا وصلوا إلى الحبشة قدّموا هدايا إلى ملك الحبشة وقال عمرو بن
العاص أيّها الملك إنّ قوماً خالفونا في ديننا وسبّوا آلهتنا وصاروا إليك
فردّهم إلينا .
فبعث النجاشي إلى جعفر فجاءه فقال أيّها الملك سلهم أنحن عبيد لهم ؟
فقال عمرو لا بل أحرار ، قال فسلهم ألهم علينا ديون يطالبوننا بِها ؟ قال
لا ما لنا عليكم ديون ، قال فلكم في أعناقنا دماء تطالبوننا بِها ؟ قال فما
تريدون منّا ؟ آذيتمونا فخرجنا من دياركم . ثمّ قال أيّها الملك بعث الله
فينا نبيّاً أمرنا بخلع الأنداد وترك الاستقسام بالأزلام وأمرنا بالصلاة
والزكاة والعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى ونهانا عن الفحشاء والمنكر
والبغي . فقال النجاشي بهذا بعث الله عيسى ، ثمّ قال لجعفر هل تحفظ مِمّا
أنزل الله على نبيّك شيئاً ؟ قال نعم فقرأ سورة مريم فلمّا بلغ إلى قوله
تعالى {وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُسَاقِطْ عَلَيْكِ رُطَبًا
جَنِيًّا} ، قال والله هذا هو الحقّ . فقال عمرو إنّه يخالف ديننا فردّه
إلينا فرفع النجاشي يده فضرب بِها وجه عمرو وقال اسكت والله لئن ذكرته بعد
بسوء لأفعلنّ بك ، وقال أرجعوا إلى هذا هديّته ، وقال لجعفر وأصحابه أمكثوا
فإنّكم سيوم والسيوم الآمنون ، وأمر لهم بِما يصلحهم من الرزق ، فانصرف
عمرو ومن معه خائبين ، وأقام المسلمون هناك بخير .
23 – (فَلَمَّا أَنجَاهُمْ) من تلك الشدّة (إِذَا هُمْ يَبْغُونَ فِي
الأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ) أي في أرض الحبشة منكرين على المؤمنين إيمانهم
ومطالبين ملك الحبشة بإرجاعهم بدون حقّ لهم على المؤمنين ولادَين لهم
عليهم (يَا أَيُّهَا النَّاسُ) والخطاب لكفّار قريش ومن ذهب إلى الحبشة في
طلب المؤمنين (إِنَّمَا بَغْيُكُمْ عَلَى أَنفُسِكُم) لأنّكم رجعتم خائبين
مطرودين ، ثمّ إنّ (مَّتَاعَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا) قليل بالنسبة للآخرة
(ثُمَّ إِلَينَا مَرْجِعُكُمْ) بعد الموت فنعاقبكم على أعمالكم
(فَنُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ) في دار الدنيا .
26 – (لِّلَّذِينَ أَحْسَنُواْ) في الدنيا بالإيمان (الْحُسْنَى) في
الآخرة (وَزِيَادَةٌ) من الله لهم جزاء على إحسانهم (وَلاَ يَرْهَقُ
وُجُوهَهُمْ قَتَرٌ وَلاَ ذِلَّةٌ) كما يرهق وجوه أهل النار ، فالرهق معناه
الخوف , ومن ذلك قوله تعالى في سورة الجنّ {فَزَادُوهُمْ رَهَقًا} والقتر
هو الدخان والغبار ، والمعنى لا يصيبهم خوف ولا ذلّة ولا يلحقهم دخان من
جهنّم لأنّهم بعيدون عنها (أُوْلَـئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيهَا
خَالِدُونَ) .
28 – (وَيَوْمَ) القيامة (نَحْشُرُهُمْ جَمِيعًا) العابدين والمعبودين
(ثُمَّ نَقُولُ لِلَّذِينَ أَشْرَكُواْ مَكَانَكُمْ) أي لازموا مكانكم حول
الشمس (أَنتُمْ وَشُرَكَآؤُكُمْ) الذين عبدتموهم من دون الله (فَزَيَّلْنَا
بَيْنَهُمْ) أي ففرّقنا بين المعبودين ، يعني بين الأصنام والملائكة
(وَقَالَ شُرَكَآؤُهُم) أي قالت الملائكة (مَّا كُنتُمْ إِيَّانَا
تَعْبُدُونَ) يعني لم نأمركم بعبادتنا ولا علم لنا بذلك .
منقول